الشيعة الإثنا عشرية




 التعـريف 



الشيعة الإمامية الإثنا عشرية هم فرقة تمسكت بحق عليِّ في وراثة الخلافة دون الشيخين و عثمان رضي الله عنهم أجمعين، و قالوا بإثنى عشر إماماً دخل آخرهم السرداب بسامراء على حد زعمهم ، وهم القسيم المقابل لأهل السنة و الجماعة في ذكرهم وآرائهم المتميزة ، وهم يتطلعون لنشر أفكارهم ومذهبهم ليعم العالم الإسلامي.


 التأسيس وأبرز الشخصيات :


- الإثنا عشر إماماً الذين يتخذهم الرافضة أئمة لهم يتسلسلون عى النحو التالي :-


1- علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الذي يلقبونه بالمرتضى - رابع الخلفاء الراشدين، و صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد مات غيلة حينما أقدم الخارجي عبدالرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في 17رمضان سنة40هـ.
2- الحسن بن علي رضي الله عنهما ويلقبونه بالمجتبي
3- الحسين بن علي رضي الله عنهما ويلقبونه بالشهيد.
4- علي زين العابدين بن الحسين (80-122هـ )ويلقبونه بالسَّجَّاد.
5- محمد الباقر بن علي زين العابدين ( ت 114 هـ ) ويلقبونه بالباقر.
6- جعفر الصادق بن محمد الباقر ( ت 148هـ ) ويلقبونه بالصادق.
7- موسى الكاضم بن جعفر الصادق ( ت 183هـ ) ويلقبونه بالكاضم.
8- علي الرضا بن موسى الكاضم ( ت 203 هـ ) ويلقبونه بالرضي.
9- محمد الجواد بن علي الرضا ( 195-226هـ ) ويلقبونه بالتقي.
10- علي الهادي بن محمد الجواد ( 212-254هـ )ويلقبونه بالنقي.
11- الحسن العسكري بن علي الهادي ( 232-260هـ ) ويلقبونه بالزكي.
12- محمد المهدي بن الحسن العسكري ( ...-... ) ويلقبونه بالحجة القائم المنتظر.


- يزعمون بأن الإمام الثاني عشر قد دخل سرداباً في دار أبيه بسُرَّ مَنْ رَأى ولم يعد ، وقد اختلفوا في سنه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثماني سنوات ، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه غير موجود أصلاَ وأنه من اختراعات الشيعة ويطلقون عليه لقب ( المعدوم أو الموهوم ).


- من شخصياتهم البارزة تاريخياَ عبدالله بن سبأ ، وهو يهودي من اليمن. أظهر الإسلام ونقل ماوجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة ، وعدم الموت ، وملك الأرض ، والقدرة على أشياء لايقدر عليها أحد من الخلق، والعلم بما لايعلم أحد ، وإثبات البداء والنسيان على الله عز وجل تعالى عما يقولون علواً كبيراً ، وقد كان يقول في يهوديته بأن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام فقال في الإسلام بأن علياً وصي محمد عليه الصلاة والسلام ، تنقـل من المدينة إلى مصر والكوفة والفسطاط والبصرة وقال لعلي : ( أنت أنت ) أي أنت الله مما دفع علياً أن يهم بقتله لكن عبدالله بن عباس نصحه أن لايفعل . فنفاه إلى المدائن في العراق.


- منصورأحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفي سنة 588هـ صاحب كتاب ( الإحتجاج ) طبع في إيران سنة 1302 هـ.


- الكُليني صاحب كتاب ( الكافي ) المطبوع في إيران سنة 1278هـ وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة ، ويزعمون بأن فيه 16199حديثاً علماً بأن الأحاديث الصحيحة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حدود ستة آلاف حديث ، وفيه من الخرافات والأكاذيب الشيء الكثير.


-الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفي سنة1320هـ والمدفون في المشهد المرتضوي بالنجف ، وهو صاحب كتاب ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربِّ الأرباب ) يزعم فيه بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه ، ومن ذلك ادعاؤهم في سورة الإنشراح نقص عبارة ( وجعلنا علياً صهرك ) ، معاذ الله أن يكون ادعاؤهم هذا صحيحاً . وقد طبع هذا الكتاب في إيران سنة 1289هـ.


-آية الله المامقاني صاحب كتاب ( تنقيح المقال في أحوال الرجال ) وهو لديهم إمام الجرح والتعديل ، وفيه يطلق على أبي بكر وعمر لقب الجبت والطاغوت ، انظر207/1-طبع 1352 بالمطبعة المرتضوية بالنجف .


-أبو جعفر الطوسي صاحب كتاب ( تهذيب الأحكام ) ، ومحمد بن مرتضى المدعو ملا محسن الكاشي صاحب كتاب ( الوافي ) ومحمد بن الحسن الحر العاملي صاحب كتاب ( وسائل الشيعة إلى أحاديث الشريعة ) ومحمد باقر بن الشيخ محمد تقي المعروف بالمجلسي صاحب كتاب ( بحار الأنوار في كتاب النبي والأئمة الأطهار ) وفتح الله الكاشاني صاحب كتاب ( منهج الصادقين ) وإبن أبي الحديد صاحب كتاب ( شرح نهج البلاغة ).


-آية الله الخميني : من رجالات الشيعة المعاصرين ، قاد ثورة شيعية في إيران تسلمت زمام الحكم ، وله كتاب كشف الأسرار وكتاب الحكومة الإسلامية . وبالرغم من أنه قال بفكرة ولاية الفقيه ، و من أنه رفع شعارات إسلامية عامة في بداية الثورة ، إلا أنه ما لبث أن كشف عن نزعة شيعية متعصبة ضيقة قادت بلاده إلى حرب مدمرة مع جيرانهم العراقيين.


 الأفكـــار والمعتقـــدات :


- الإمامة : وتكون بالنص ، إذ يجب أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق بالعين لا بالوصف ، وأن الإمامة من الأمور الهامة التي لايجوز أن يفارق النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ويتركها هملاً يرى كل واحد منهم رأياً . بل يجب أن يعين شخصاً هو المرجوع إليه والمعــوَّل عليه .
- يستدلون على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على إمامة علي من بعده نصاً ظاهراً يوم غدير خم.
- يزعمون بأن علياً قد نص على ولديه الحسن والحسين .. وهكذا .. فكل إمام يعين الإمام الذي يليه بوصية منه .. ويسمونهم الأوصياء.
- العصمة : كل الأئمة معصومون عن الخطأ والنسيان ، وعن إقتراف الكبائر والصغائر.
- العلم : كل إمام من الأئمة أُودِع العلم من لدن الرسول صلى الله عليه وسلم بما يكمل الشريعة ، وهو يملك علماً لدنياً ولايوجد بينه وبين النبي من فرق سوى أنه لايوحى إليه ،وقد استودعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرار الشريعة ليبينوا للناس مايقتضيه زمانهم.
- خوارق العادات : يجوزأن تجري هذه الخوارق على يد الإمام ، ويسمون ذلك معجزة ، وإذا لم يكن هناك نص على إمام من الإمام السابق عليه وجب أن يكون إثبات الإمامة في هذه الحالة بالخارقة.
- الغيبة : يرون بأن الزمان لايخلو من حجة لله عقلاً وشرعاً ، ويترتب على ذلك ان الإمام الثاني عشر قد غاب في سردابه كما يزعمون وأن له غيبة صغرى وغيبة كبرى ، وهذا من أساطيرهم.
- الرجعة : يعتقدون بأن حسن العسكري سيعود في آخر الزمان عندما يأذن الله له بالخروج ، وهم يقفون كل ليلة بعد صلاة المغرب بباب السرداب وقد قدموا مركباً ، فيهتفون بإسمه ، ويدعونه للخروج، حتى تشتبك النجوم ، ثم ينصرفون ويرجئون الأمر إلى الليلة التالية ، ويقولون بأنه حين عودته سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وسيقتص من خصوم الشيعة على مدار التاريخ ، ولقد قالت الإمامية قاطبة بالرجعة ، وقالت بعض فرقهم الأخرى برجعة بعض الأموات .
- التقية : وهم يعدونها أصلاً من أصول الدين ، ومن تركها كان بمنزلة ترك الصلاة ، وهي واجبة لايجوز رفعها حتى يخرج القائم ، فمن تركها قبل خروجه خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية ، كما يستدلون على ذلك بقوله تعالى : ( إلا أن تتـقوا منهم تـقاة ) وينسبون إلى أبي جعفر الإمام الخامس قوله : [ التقة ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له ] وهم يتوسعون في مفهوم التقية إلى حد اقتراف الكذب والمحرمات.
- المتعة : يرون بأن متعة النساء خير العادات وأفضل القربات مستدلين على ذلك بقوله تعالى : ( فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ) وقد حرّم الإسلام هذا الزواج الذي تشترط فيه مدة محدودة فيما اشترط أهل السنة وجوب استحضار نية التأبيد ، ولزواج المتعة آثار سلبية كثيرة على المجتمع.
- يعتقدون بوجود مصحف لديهم أسمه مصحف فاطمة : ويروي الكليني في كتابه ( الكافي ) في صفحة 57 طبعة 1278هـ عن أبي بصير (( أي جعفر الصادق )) (( وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام ، قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، والله مافيه حرف واحد من قرآنكم )).
- البراءة : إنهم يتبرأون من الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم جميعاً وينعتوهم بأقبح الصفات لأنهم - كما يزعمون - اغتصبوا الخلافة دون علي الذي هو أحق منهم بها ، كما يبدأون بلعن أبوبكر وعمر - رضي الله عنهم وأرضاهم - بدل التسمية في كل أمر ذي بال ، وهم ينالون كذلك من كثير من الصحابة باللعن ، ولا يتورعون عن نيل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالطعن واللعن .
- المغالاة : بعضهم غالى في شخصية علي رضي الله عنه ، والمغالون من الشيعة رفعوه إلى مرتبة الألوهية كالسبيئية ، وبعضهم قالوا بأن جبريل عليه السلام قد أخطأ في الرسالة فنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بدلاً من أن ينزل على علي لأن علياً يشبه النبي صلى الله عليه وسلم كما يشبه الغرابُ الغرابَ ولذلك سموا بالغرابية.
- عيد غدير ( خم ) : وهو عيد لهم يصادف اليوم الثامن عشر من ذي الحجة ويفضلونه على عيدي الأضحى والفطر ويسمونه بالعيد الأكبر ، وصيام هذا اليوم عندهم سنة مؤكدة ، وهو اليوم الذي يدَّعون فيه [ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى فيه بالخلافة لعلي من بعده ].
- يعظمون ( عيد النيروز) وهو من أعياد الفرس ، وبعضهم يقول : غسل يوم النيروز سنة.
- لهم عيد يقيمونه في اليوم التاسع من من ربيع الأول ، وهو عيد أبيهم ( بابا شجاع الدين ) وهو لقبٌ لقبوا به ( أبا لؤلؤة المجوسي ) الذي أقدم على قتل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .


- يقيمون حفلات العزاء والنياحة والجزع وتصوير الصور وضرب الصدور وكثير من الأفعال المحرمة التي تصدر عنهم في العشرة الأولى من شهر محرم معتقدين بأن ذلك قربى من الله تعالى وأن ذلك يغفر ذنوبهم وسيئاتهم ، ومن يزورهم في مشاهدهم التي يقدسونها في كربلاء والنجف وقم .. فسيرى من ذلك العجب العجاب.


 الجـــذور الفـــــكريــة والعقائــــديــة :


-بعضهم يرجع التشيع إلى يوم الجمل ، وآخرون يرجعونه إلى تاريخ مقتل عثمان ومنهم من يجعل ابتداء ظهوره يوم صفين.
-انعكست في التشيع معتـقدات الفرس الذين يدينون لهم بالملك وبالواراثة ، وقد ساهم الفرس فيه لينتـقموا من الإسلام الذي كسر شوكتهم بإسم الإسلام ذاته.
-اختلط الفكر الشيعي بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية كالبوذية والمانوية والبرهمية ، وقالوا بالتناسخ وبالحلول.
-استمد التشيع أفكاره من اليهودية التي تحمل بصمات وثنية آشورية وبابلية.
-أقوالهم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفي الأئمة من آل البيت تلتقي مع أقوال النصارى في عيسى عليه السلام ولقد شابهوهم في كثرة الأعياد وكثرة الصور واختلاق خوارق العادات وإسنادها إلى الأئمة.


 الانتشــــــار ومـــــــواقع النفــــــــــوذ :


تنتشر فرقة ( الاثنا عشرية ) من الإمامة الشيعية الآن في إيران وترتكز فيها ، ومنهم عدد كبير في العراق ، ويمتد وجودهم إلى البحرين و أذربيجان كما أن لهم طائفة في لبنان. أما باقي الدول كباكستان و أفغانستان فهم أقليات صغيرة














الشيعة في تونس


لا تتوفر أرقام رسمية حول عدد الشيعة في تونس ، غير أن الدكتور محمد التيجاني السماوي و هو أحد رموز التشيع يقدر عددهم ب"مئات الآلاف"، و يقول إنهم منتشرون في أغلب محافظات البلاد، و يمارسون شعائرهم و طقوسهم بحرية و دون أن يتعرضوا إلى أي نوع من المضايقات.

و يقول أيضا إن عدد الشيعة (المذهب الجعفري) كان لا يتجاوز العشرات في أواخر الستينات و بداية السبعينات ، لكنهم بدؤوا في التوسع و الإنتشار بفضل الدعاة و توفر المراجع و الكتب الشيعية ، إلى أن بلغوا هذه المرحلة.

 و لا يخفي أنه قام في هذا الصدد بدور هام ، و يقول إن المرجع الشيعي المعروف محمد باقر الصدر لقبه ب"بذرة التشيع ، أي نبتة غرست في تونس فكانت مباركة و أتت أكلها كل حين..".

ويرى شيعة تونس أن مذهب "آل البيت" ليس غريبا عن البلاد و أن جذوره تعود إلى" آلاف السنين".

و من خلال بعض وثائقهم و كتاباتهم ، يمكن تقسيم انتشار التشيع في تونس إلى أربعة مراحل كبرى ، هي:
 * المرحلة البربرية ، و البربر هم سكان تونس الأوائل، فبالنسبة لهم كان للبربر في تونس"ولاء عظيم لأهل البيت و لهم فيها ثورات ، و بالخصوص في زمن استشهاد الإمام الحسين ، وجرى عليهم القتل و السبي مثل ما جرى على على أهل المدينة من قبل السلطة الأموية انذاك.."

* مرحلة الدولة الفاطمية (910 – 973 م) و تأسيس المهدية (921م) التي انتشر خلالها التشيع في تونس.

 * مرحلة أواخر الستينات و بداية السبعينات ، وعرفت هذه المرحلة بدخول المذهب الجعفري ، ويعد الدكتور محمد التيجاني السماوي أحد أهم رموزها ، يقول في هذا الصدد:"..إن الشيعة انقرضت منذ عهد الفاطميين و لم يعد لها أثر ، و من ثم ظهرت من جديد ، ولكن ليس بالطريقة الفاطمية التي كانت إسماعيلية باطنية ، إنما بالطريقة الحقيقية لمذهب الإمامية الأثني عشرية الجعفرية.."
* مرحلة الثمانينات ، أي مباشر ة بعد انتصار "الثورة الإسلامية في ايران"، و يسميها السيد عماد الدين الحمروني(رئيس جمعية أهل البيت الثقافية و هي جمعية شيعية) بمرحلة " التشيع الحديث "، يقول " لقد ظهر التشيع الحديث مع ظهور داعي الله الإمام السيد الخميني و أول ظهور كان في بداية الثمانينات تحت اسم "المسلمين السائرين على خط الإمام".
علاقتهم بالشأن الوطني:
لا يعرف للشيعة في تونس أي نشاط علني يمكن من خلاله تتبع مواقفهم و ارائهم في الشأن الوطني ، وهو ما يجعل البحث في هذه المسألة تعترضه عدة عراقيل ، هذا بالإضافة الى التباين الواضح بين رموزهم في كيفية التعامل مع الشان الوطني و التدخل فيه.

 فالدكتور محمد التيجاني السماوي يقول " لا يوجد في تونس أية صحيفة ناطقة باسم الشيعة ، كما لا يوجد أي مسجد أو حسينية ، ولكن نحن بحمد الله نتواصل مع و على مذهب الحق في تونس...نحن لا نطالب لا بمسجد و لا حسينية و لا صحيفة لأن الأمور تجري رويدا رويدا .... أنا لا أتدخل في شؤون الحكم و الحكام و لدي مهمة أسمى من ذلك بكثير ، ألا وهي تقديم النصيحة و كشف الحقيقة.."

 ويقول أيضا "...عل علمي أنه ليس هناك أي عائق يعترض التشيع في تونس على شرط أن تكون الدعوة بالحكمة و الموعظة الحسنة ..و أن نتجنب التعرض للنظام القائم و لا نتآمر عليه.."
إذا كان هذا موقف الدكتور محمد التيجاني السماوي أي عدم التدخل في الشأن الوطني و اقتصار دور الشيعة على الدعوة ل"مذهب آل البيت" ، فإن موقف السيد عماد الدين الحمروني غير ذلك .

فهو يرى أن شيعة تونس يهمهم الشأن الوطني و يتدخلون فيه، بل أنه يقول" إن التونسيين المنتمينن إلى مدرسة أهل البيت و منذ الثمانينات من القرن الماضي متواجدون على الساحة الوطنية و شاركوا مشاركة فاعلة لإسقاط النظام البورقيبي... وإننا الفريق الوحيد الذي لم يسارع في 1987 لتأييد "انقلاب" السابع من نوفمبر ، بل أصدر البيانات في الداخل و الخارج للمطالبة بالعفو التشريعي العام و احترام الدستور و اعادة الحكم للشعب...".

و في الظرف الراهن ينادي السيد عماد الدين الحمروني ب" بروز حركة وفاق وطني من جيل ما بعد الإستقلال و إحياء الفكر الوطني الحر و الدفاع عن الانجازات الوطنية و أهمها الدولة و الدستور و الدعوة الى توزيع عادل للثروة و تشجيع الثقافة الوطنية.."

كما أنه يقدم تقييمه لأداء المعارضة التونسية ( الليبيرالية و اليسارية و الإسلامية )، يقول :" إن ارتباط المعارضة الليبيرالية و اليسارية بالخارج و ارتباطها فكريا و تنظيميا بالمؤسسات و الأحزاب و المنظمات الغربية خصوصا الفرنسية أضعف مصداقيتها و أبعدها عن ثقافة الشعب ، اضافة إلى ارتماء الإسلاميين في حضن الحركة الوهابية جعلهم مرتعا لظهور و تمكن الفكر السلفي الطائفي.."

 و إذا كان الدكتور محمد التيجاني السماوي ير ى أنه لا يوجد أي عائق يعترض التشيع في تونس و يفسر ذلك بأن "الدولة أعطت الحرية لكل انسان بأن يكون شيعيا أو سنيا أو حتى شيوعيا ، و أن يكون ما يكون ...الحرية مسموحة بشكل مطلق و لا اعتراض من قبل الدولة...فإن بعض المتشيعين يعتبرون أن طريقهم لم يخل من العراقيل و المضايقات بسبب اعتناقهم مذهب "آل البيت".

 يقول محمد الرصافي :" لم يخل طريقي من بعض العراقيل والاشواك، فقد اعتقلت في 7 أوت 1985م وحقق معي بشأن تشيعي واطلق سراحي بعد 14 يوماً، ثم وقع طردي من العمل في 4 جانفي 1986م، ثم اعتقلت مرة أخرى في 21 أوت 1986 ولم يطلق سراحي إلاّ في 19 سبتمبر من نفس السنة، ثم وقع اعادتي إلى العمل بعد "انقلاب" السابع من نوفمبر تهدئة للاجواء في البلاد، ثم اعتقلت سنة 1991م ثلاثة أيام، تعرّضت خلالها للتعذيب ظلماً وعدواناً، ثم تعرّضت للطرد من عملي هذه المرة نهائياً سنة 1992 ثم اعتقلت سنة 1994 خمسة أيام واطلق سراحي... فقد انقطعت سبل العيش في بلدي، ولم يعد بامكاني أن استمر على تلك الوتيرة، مسلوب الحرية مضيقاً على لقمة عيشي، ولا علاج لذلك سوى اللجوء إلى احدى الدول التي تتوفر فيها بعض الحرية




العلاقات مع إيران:

بعض الأصوات التي ارتفعت في عدد من البلدان العربية تحذر من التوسع الشيعي لم تخف أن وراء هذه الظاهرة يقف " مخطط الإيراني للنفوذ والهيمنة" و أنها تعكس "تسلل و خطورة المشروع الإيراني في المنطقة". لكن أيضا هناك من قلل من أهمية الدور الإيراني معتبرا أن" هذه الانتقادات، مبالغ فيها و أن العالم الإسلامي يحتاج إلى التفاهم والتجانس، وأن آخر ما يحتاجه هو هذه الاتهامات المتبادلة".

وفي تونس يرفض السيد عماد الدين الحمروني أن يكون شيعة تونس "صناعة خارجية "و يقول " إننا وعقيدتنا صناعة تونسية مائة بالمائة، و لسنا قوم تبع و لا جئنا بدعم خارجي و لا نمثل مصالح أجنبية ..." ولكنه يضيف "... إننا نعتز بالدولة الإسلامية في إيران فهي مفخرة كل مسلم..".

غير أن هناك من يشير إلى دور إيراني في دعم شيعة تونس و هو دعم معنوي بالأساس و يتمثل في توفير المراجع و الكتب الشيعية و تمكين الراغبين في مواصلة دراستهم في الحوزات العلمية...الخ و يقدمون في هذا الصدد عدة دلائل:

- إن الدكتور التيجاني السماوي يعترف أن محمد باقر الصدر لقبه ببذرة التشيع التي غرست بتونس، كما أن عدة وثائق في مواقع الشيعة الجعفرية على شبكة الانترنيت تربط بين انتشار هذا المذهب في تونس و بين " رحلة التيجاني السماوي الشهيرة إلى النجف".

- وجود عدد من التونسيين الذين يدرسون بالحوزات العلمية في إيران و منهم من رجع خلال المدة الأخيرة إلى تونس.و يقول السيد عماد الحمروني في تدخل له على الموقع الالكتروني ل"شيعة الجزائر":" نحن ننتظر رجوع الإخوة الذين يدرسون في قم وسورية ومن هناك ستكون الانطلاقة الفعلية إن شاء الله"

و يقول أيضا على الموقع ذاته:" أعلمك أني التقيت بإخوتنا من طلاب العلم في قم المقدسة من تونس و الجزائر و المغرب و دعوتهم إلى الاهتمام بشؤون التبليغ و التواصل مع إخوتهم من بني قومهم إننا و من خلال تكليفنا الشرعي أسسنا هذا العام جمعية أهل البيت الثقافية بتونس حتى تكون صوت المؤمنين الموالين في بلادنا وهي خطوة أولى لإحياء التشيع في بلاد المغرب الإسلامي..".



- ثمة حادثة يرويها شيعي تونسي و هو السيد محمد العربي التونسي( تشيعّ في أواخر السبعينات) ، يقول متحدثا عن الظروف التي اعتنق فيها المذهب الشيعي، إنه التقى طالبا إيرانيا يدرس بإحدى الكليات التونسية و أن هذا الطالب هو من عرفه على الدكتور محمد السماوي، يقول:" قال لي: إذا كنت تريد أن تعرف أكثر عن الشيعة فأنا أعرف شيخاً شيعياً تونسياً في بلدكم هذه.

فسألته: ما اسمه.فقال لي: اسمه محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب (ثم اهتديت) وغيره.. عندها ذهلت ولم أصدق.وقلت له: في بلدنا تونس شيخ شيعي ولم أسمع به ماذا تقول يا أخ؟.فقال لي: نعم في تونس ومن مدينة قفصة. وموجود حالياً في مدينة قفصة، وكان وقتها يدرّس في الثانوية التقنية."

ويضيف أن هذا الشاب الايراني هو من اتصل بالدكتور محمد التيجاني السماوي الذي حضر الى العاصمة و رتب اللقاء بينهما.

ويقول السيد محمد العربي التونسي أنه طلب من الدكتور السماوي أن يقيم معه بمنزله غير انه أجابه" لا أريد أن أثقل عليك فأريد أن أمكث بعض الأيام في الفندق، لأتمكن من الدعوة والاتصال لمن يريد الحوار والبحث عن طريق أهل البيت (عليهم السلام). وعن التشيع؟

فقلت له: هذا بيتي تحت تصرفك حتى ولو أردت أن تمكث شهراً أو شهرين. فالتفت وقال للأخ الإيراني محمد النبهاني: أنت احضر وأعطي موعداً للطلبة في الجامعة لمن يريد الحوار أو الاستفسار عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فاتصل الأخ الإيراني هاتفياً إلى بعض الطلبة وقال لهم: إن الشيخ التيجاني موجود حالياً في العاصمة (تونس) ومن يريد الحوار معه أو اللقاء فهو جاهز، وأخذ معه موعد في جامع يسمى بـ ‍)سبحان الله) يوم الجمعة بعد صلاة العصر".

- إن الحكومة التونسية أقدمت في الثمانينات على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على خلفية"دعم إيران مجموعات الإسلاميين التي كانت تنشط آنذاك ضد النظام في تونس". وقد أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا في 1990.

و لابد من الإشارة هنا أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة التونسية كانت متزامنة مع حملتها ضد حركة الاتجاه الإسلامي(النهضة حاليا)و هي حركة سنية .و كانت هذه الحركة ساندت الثورة الإسلامية في إيران و قامت بالدعاية لها في تونس.



ملاحظات
- إن الحديث عن الشيعة في تونس لا يجب أن يدفع إلى الاعتقاد أنهم يشكلون "طائفة" بما يفتح الأبواب أمام الحديث عن "الطائفية" في تونس.هذه المسألة غير مطروحة بالمرة في تونس التي عرفت بوحدة أبنائها و نبذهم لكافة مظاهر التفرقة على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي أو قبلي أو جهوي.

- إلى جانب الشيعة توجد في تونس أقليات أخرى منها "الإباضية " و الجالية اليهودية و المسيحية و كلها تمارس طقوسها و شعائرها بحرية دون أن يشكلوا أي تهديد للنسيج الاجتماعي .